دينا محمود (لندن)
أكدت مصادر إعلاميةٌ أميركيةٌ أن قطر تكثف في الوقت الراهن جهودها لاختراق مجتمعات الدول الغربية ونشر التطرف بين أبنائها، عبر تبني استراتيجيةٍ مزدوجةٍ، تقوم على نشر إيديولوجية جماعة «الإخوان» الإرهابية بين الشبان هناك من جهة، وصياغة رسائل ومضامين معتدلة ظاهرياً تخاطب بها الأوساط الإعلامية والأكاديمية في هذه المجتمعات من جهةٍ أخرى.
وشددت المصادر في تقريرٍ مطولٍ - نشرته مجلة «أميركان ثينكر» المرموقة - على أن النظام القطري يطبق هذه الاستراتيجية عبر استخدامه لمؤسساتٍ دينيةٍ ومراكز بحثيةٍ وجامعاتٍ، يُغدق عليها أمواله في مختلف العواصم والمدن الأوروبية الرئيسية، والولايات المتحدة. وتحت عنوان «لا يوجد من يمكن اعتبارهم معتدلين عندما يتعلق الأمر بالإخوان» وحلفائهم من القطريين؛ سخر التقرير من المحاولات المحمومة التي يقوم بها «نظام الحمدين» لإنكار ضلوعه في أي أنشطة تستهدف نشر التطرف في الغرب، قائلاً إن تنصل الدوحة من تورطها في مثل هذه الأنشطة، لن ينطلي على أحد، في ضوء «الأدبيات المتشددة والمتطرفة التي تنشرها المؤسسات القطرية» أو تلك التي تدور في فلكها في أميركا ودول أوروبا.
ونسب التقرير إلى صحفيين غربيين قولهم إن «الفلسفة التي تتبعها جماعة الإخوان تقوم على محاصرة الإنسان في كل جوانب حياته من الميلاد حتى الممات». وشدد هؤلاء على أن المؤسسات التي يعكف نظام تميم على تمويلها ببذخٍ تسعى لتحقيق هذا الهدف، إذ تشمل مختلف المرافق والمنشآت الضرورية للإنسان «من مساجد إلى مدارس إلى حمامات سباحةٍ ومطاعم وصولاً حتى إلى المشارح».
وأضاف «يفسر ذلك إنفاق عشرات الملايين من الدولارات التي يبددها النظام القطري على مشروعاتٍ في الغرب؛ يتمثل غرضها الرئيسي في نشر التصور المتشدد الدموي الذي تتبناه جماعة «الإخوان».
وتشير الوثائق والتقديرات إلى أن محاولات الدويلة المعزولة استغلال الدين لتحقيق مآربها المشبوهة دفعها لأن تمول خلال السنوات القليلة الماضية «140 مسجداً ومركزاً دينياً في أوروبا بقيمةٍ تناهز 71 مليون يورو»، أي ما يزيد على 80 مليون دولار.
وتعد إيطاليا أكثر دولة تقع فيها هذه المراكز بإجمالي 50 مركزاً. وقد سبق أن تلقى أحدها أربعة ملايين يورو (ما يوازي 4.45 مليون دولار) من قطر على مدار السنوات القليلة الماضية. كما قدم نظام تميم 1.6 مليون دولار إلى مركزٍ ثقافيٍ في مدينة لوزان السويسرية، وتبرع قبل أربع سنوات بتشييد مبنى جديدٍ لكلية سانت أنتوني التابعة لجامعة أكسفورد البريطانية، وهو ما تكلف حوالي 11 مليون جنيه إسترليني (قرابة 14.3 مليون دولار).
أما في فرنسا، فقد خُصِصَت الأموال القطرية للإنفاق على مراكز دينيةٍ وتعليميةٍ تحاول الدوحة إضفاء طابعها المتشدد عليها.
وتفيد الأرقام المتاحة بأن طارق رمضان حفيد مؤسس جماعة الإخوان الإرهابية حسن البنا، والملاحق قضائياً بتهمة اغتصاب عددٍ من النساء والتحرش بهن جنسياً، كان يحصل على ما يقرب من 35 مليون يورو شهرياً (نحو 39 مليون دولار) من الدوحة بزعم تقديمه «استشاراتٍ» لها.وسلّط التقرير- الذي أعده المحلل السياسي المصري هاني غرابة - الضوء على الدعم المستتر الذي تواصل الدوحة تقديمه لرمضان، رغم تبرؤها منه في العلن بسبب الفضائح التي تلاحقه في الوقت الراهن، والتي كشفت زيف الصورة التي كان يقدمها عن نفسه كـ «شخصيةٍ معتدلةٍ».
وأشار إلى أن القرائن تفيد بأن هذا الرجل تلقى أكثر من 21 ألف دولار من رابطة مسلمي سويسرا، التي تحصل على تمويلها من «نظام الحمدين»، وذلك لمساعدته على الدفاع عن نفسه، في القضية التي تشمل قائمة المدعيات عليه فيها، عدداً من النساء الأميركيات والفرنسيات والسويسريات.
وأوضح أن القبض على طارق رمضان للتحقيق معه، أجهز بشكلٍ كاملٍ على الخطة القطرية، التي كانت تقوم على تقديمه كوجهٍ مقبولٍ من الغرب. واكتملت هذه الفضيحة مع كشف النقاب عن أن طارق رمضان، كان على جدول رواتب العاملين لحساب النظام القطري - الراعي الرئيسي لـ «الإخوان» - لسنواتٍ طويلة، بزعم تقديمه استشاراتٍ وهميةً للدوحة.
ولكن «أميركان ثينكر» قالت إنه لم يكن من المفترض أن يشكل ذلك مفاجأةً بالنسبة لوسائل الإعلام الغربية، نظراً لتبني رمضان «أجندة الإخوان» في دراساته وأبحاثه ومداخلاته الإعلامية، فضلاً عن أنه كان عضواً في السابق في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي كان يرأسه الإخواني الهارب يوسف القرضاوي. وخَلُصَت المجلة إلى أن العلاقات التي نسجتها قطر مع طارق رمضان لا تشكل «سوى تفصيلٍ بسيطٍ ضمن قصةٍ أكبر» تضطلع فيها الدوحة عبر مؤسساتها التي تتخفى وراء قناع العمل الخيري والإغاثي، بدورٍ واسع النطاق لنشر التطرف في الغرب.